فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَتِهِ إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إنَّ لِلْقَبْرِ لَضَغْطَةً لَوْ نَجَا مِنْهَا أَحَدٌ لَنَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ لِلْقَبْرِ لَضَغْطَةً لَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا نَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِغَيْرِ إدْخَالٍ مِنْهُ بَيْنَ نَافِعٍ وَبَيْنَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَحَدًا وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكَيْسَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ثنا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْت نَافِعًا يُحَدِّثُ عَنْ امْرَأَةِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنُ سَالِمٍ الصَّائِغُ الْمَكِّيُّ أَبُو جَعْفَرٍ ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْر الْكَرْمَانِيُّ قَاضِي كَرْمَانَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَعْدُ أَخْبَرَنِي قَالَ سَمِعْت نَافِعًا عَنْ امْرَأَةِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ تَرْفَعُهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَقَدْ خَالَفَ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ شُعْبَةَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سَعْدٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ثنا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لَوْ أَنَّ أَحَدًا نَجَا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ لَنَجَا مِنْهُ سَعْدٌ ثُمَّ قَالَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلاَثَةِ يَجْمَعُهَا كَأَنَّهُ يَقْلِبُهَا‏,‏ ثُمَّ قَالَ‏,‏ لَقَدْ ضُغِطَ‏,‏ ثُمَّ عُوفِيَ فَقَالَ قَائِلٌ أَفَيَكُونُ هَذَا مُضَادًّا لِ مَا قَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي هَذَا الْمَعْنَى‏؟‏ فَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ إِلاَّ بَرِئَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ‏,‏ فَإِنَّ رَبِيعَةَ بْنَ سَيْفٍ لَمْ يَلْقَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو وَإِنَّمَا كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ أَنْبَأَ حَيْوَةُ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ سَيْفٍ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو‏,‏ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَأَى ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ عليها السلام فَقَالَ لَهَا مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتِ يَا فَاطِمَةُ‏؟‏ فَقَالَتْ أَقْبَلْتُ مِنْ وَرَاءِ جِنَازَةِ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ بَلَغْتِ الْكُدَى قَالَتْ‏:‏ وَكَيْفَ أَبْلُغُهَا وَقَدْ سَمِعْت مِنْك مَا سَمِعْت‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ بَلَغْتِ الْكُدَى مَا رَأَيْتِ الْجَنَّةَ حَتَّى يَرَاهَا جَدُّ أَبِيك ثُمَّ عُدْنَا إلَى طَلَبِ مَنْ بَيْنَ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ وَبَيْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ قَحْزَمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنًا لِفَيَّاضِ بْنِ عُقْبَةَ تُوُفِّيَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَاشْتَدَّ وَجْدُهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ‏:‏ يَا أَبَا يَحْيَى أَلاَ أُبَشِّرُكَ بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوْ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ إِلاَّ بَرِئَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ عَنْ اللَّيْثِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ قَحْزَمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنًا لِفَيَّاضِ بْنِ عُقْبَةَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَزَادَ عَلَى يُونُسَ فِي إسْنَادِهِ إدْخَالَهُ بَيْنَ اللَّيْثِ وَبَيْنَ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ وَسَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلاَلٍ‏,‏ وَهُوَ أَشْبَهُ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى فَسَادِ إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ‏,‏ وَأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِمِثْلِهِ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِمَّا يُوجِبُ حَدِيثُ عَائِشَةَ دُخُولَهُ فِيهِ‏,‏ وَنَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعَوْنَ عَلَى ذَلِكَ‏,‏ وَنَسْتَوْثِقُهُ فِيمَا أَمَّلْنَا‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِيمَا تَغْرُبُ فِيهِ الشَّمْسُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ دَخَلْت الْمَسْجِدَ فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فَلَمَّا غَابَتْ الشَّمْسُ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ قَالَ قُلْت اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ تَسْتَأْذِنُ فِي السُّجُودِ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا اُطْلُعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا قَالَ ثُمَّ قَرَأَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ ذَلِكَ ‏{‏مُسْتَقَرٌّ لَهَا‏}‏ فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ تَغْرُبُ فِي السَّمَاءِ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا فِيمَا تَغْرُبُ فِيهِ مَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُد الْحَرَّانِيُّ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَرَأَ ‏{‏فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ‏}‏ وَكَأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا لَمْ يَرْفَعْهُ أَحَدٌ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ غَيْرُ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ دَاوُد‏,‏ وَهُوَ مِمَّا يُخَطِّئُهُ فِيهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَيَقُولُونَ إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ خَالَفَهُ فِيهِ أَصْحَابُ حَمَّادٍ فَلَمْ يَرْفَعُوهُ فَمِمَّنْ خَالَفَهُ فِيهِ مِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ الأَنْمَاطِيُّ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ يَهْمِزُهَا‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمُوَافَقَةِ هَذَا الْمَعْنَى كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ يَعْنِي الطَّاحِيَّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ مِصْدَعٍ أَبِي يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْرَأَنِي أُبَيٌّ كَمَا أَقْرَأَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَغْرُبُ ‏{‏فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ‏}‏ مُخَفَّفَةً‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ مُخَفَّفَةً وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ مُخَفَّفَةً فَفِيمَا رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيٍّ هَذَا مَا يُثْبِتُ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ وَهِيَ قِرَاءَةُ نَافِعٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ شَدَّدَ ذَلِكَ‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَالَفَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَنَحْنُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَقَالَ عَمْرٌو حَامِيَةٍ قَالَ فَسَأَلْنَا كَعْبًا فَقَالَ‏:‏ إنَّهَا فِي كِتَابِ اللهِ الْمُنَزَّلِ لَتَغْرُبُ فِي طِينَةٍ سَوْدَاءَ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ فِي شَاهِدِ حَمِئَةٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي حَاضِرٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْت عِنْدَ مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَبْدِ اللهِ كَيْفَ تَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ ‏{‏وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ‏}‏ قَالَ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُلْت لِمُعَاوِيَةَ أَتَسْأَلُ هَذَا عَنْ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا نَزَلَ فِي بَيْتِي فَقَالَ كَيْفَ تَقْرَؤُهَا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ‏؟‏ فَقُلْتُ‏:‏ ‏"‏ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ قَالَ أَبُو حَاضِرٍ فَقُلْت لاِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَا أَشُدُّ قَوْلَك بِقَوْلِ صَاحِبِنَا تُبَّعٍ قَدْ كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ قَبْلِي مُسْلِمًا مَلِكًا يَدِينُ لَهُ الْمُلُوكُ وَتَحْشِدُ بَلَغَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ يَبْتَغِي أَسْبَابَ عِلْمٍ مِنْ حَكِيمٍ مُرْشِدِ وَأَتَى مَغِيبَ الشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وَثَأْطٍ حَرْمَدِ فَالْخُلُبُ فِي لُغَتِنَا الطِّينُ وَالثَّأْطُ الْحَمْأَةُ وَالْحَرْمَدُ الأَسْوَدُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ رحمه الله فَقَالَ لِي‏:‏ هَذِهِ قَوَافِي مُخْتَلِفَةٌ وَقَدْ رَأَيْت أَهْلَ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ مِنْهُمْ أَبُو بِجَادٍ الْحَارِثِيُّ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْشِدُونَ الأَوَّلَ مِنْ هَذِهِ الأَبْيَاتِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرْت لِي عَنْ يُونُسَ‏,‏ وَهُوَ قَدْ كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ خَالِي قَدْ أَتَى طَرَفَ الْبِلاَدِ مِنْ الْمَكَانِ الأَبْعَدِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ حَتَّى تَلْتَئِمَ قَوَافِي هَذِهِ الأَبْيَاتِ وَتَعُودَ كُلُّهَا إلَى الْحَرْفِ وَلاَ تَخْتَلِفَ وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ الْكِلاَبِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَاضِرٍ أَوْ أَبُو حَاضِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ فِي الْكَهْفِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ فَقُلْت إنَّا نَقْرَؤُهَا حَمِئَةٍ فَسَأَلَ مُعَاوِيَةُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْهَا فَقَالَ كَمَا قَرَأْتهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُلْت فِي بَيْتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ قَالَ فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ إلَى كَعْبٍ يَسْأَلُهُ أَيْنَ تَجِدُ الشَّمْسَ تَغْرُبُ فِي التَّوْرَاةِ‏؟‏ قَالَ فِي مَاءٍ وَطِينٍ قَالَ فَقُلْت لاِبْنِ عَبَّاسٍ لَوْ كُنْت عِنْدَكُمْ لَرَفَدْتُكَ بِمَا تَزْدَادُ بِهِ بَصِيرَةً فِي حَمِئَةٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَاذَا هُوَ‏؟‏ قَالَ قُلْتُ نَجُدُ فِيمَا كَانَ مِنْ قَوْلِ تُبَّعٍ مَا ذَكَرَهُ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ مِنْ كَلَفِهِ بِالْعِلْمِ وَإِمْعَانِهِ إيَّاهُ بَلَغَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ يَبْتَغِي أَسْبَابَ أَمْرٍ مِنْ حَكِيمٍ مُرْشِدِ فَرَأَى مَغَابَ الشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا فِي عَيْنٍ ذِي خُلُبٍ وَثَأْطٍ حَرْمَدِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا الْخُلُبُ‏؟‏ قَالَ قُلْت‏:‏ الطِّينُ فِي كَلاَمِهِمْ قَالَ فَمَا الثَّأْطُ‏؟‏ قُلْت‏:‏ الْحَمَأَةُ قَالَ فَمَا الْحَرْمَدُ‏؟‏ قُلْت‏:‏ الأَسْوَدُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِرَجُلٍ اُكْتُبْ مَا يَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ فَقَالَ قَائِلٌ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيٍّ هَذَا يُخَالِفُ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي رَوَيْتُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ‏;‏ لأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ غُرُوبَ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ وَفِي هَذَا غُرُوبُهَا فِي طِينَةٍ سَوْدَاءَ وَالطِّينُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الأَرْضِ لاَ فِي السَّمَاءِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ أَنَّ الطِّينَ قَدْ يَكُونُ فِي السَّمَاءِ كَمَا يَكُونُ فِي الأَرْضِ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قوله تعالى مِمَّا ذَكَرَهُ عَنْ أَضْيَافِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام مِمَّا كَانَ جَوَابًا مِنْهُمْ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْ قَوْلِهِ ‏{‏فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قَالُوا إنَّا أُرْسِلْنَا إلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ‏}‏ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطِّينَ فِي السَّمَاءِ كَمَا هُوَ فِي الأَرْضِ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ‏:‏ فَفِي شِعْرِ تُبَّعٍ الَّذِي رَوَيْتَهُ‏:‏

*فَرَأَى مَغِيبَ الشَّمْسِ*

فَذَلِكَ مِمَّا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ قَدْ رَأَى مَغِيبَهَا وَأَنَّهُ فِي الأَرْضِ لاَ فِي السَّمَاءِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ هُوَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْحُجَّةُ فِي اللُّغَةِ وَفِيمَا سِوَاهَا وَمَعَ هَذَا فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الرُّؤْيَةُ الَّتِي أَرَادَهَا تُبَّعٌ رُؤْيَةَ يَقِينٍ وَعِلْمٍ بِالْقَلْبِ لاَ رُؤْيَةَ عَيْنٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى رُؤْيَةِ الْقُلُوبِ وَيَقِينِهَا لاَ عَلَى رُؤْيَةِ الأَبْصَارِ فَخَرَجَ بِذَلِكَ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الاِلْتِئَامِ بِغَيْرِ تَضَادٍّ فِيهِ وَلاَ اخْتِلاَفٍ وَقَدْ قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ أَعْنِي حَمِئَةً غَيْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِخِلاَفِ مَا قَرَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ‏,‏ وَهُوَ حَامِيَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ ثنا الْخَفَّافُ عَنْ هَارُونَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ حَامِيَةً يَقُولُ‏:‏ حَارَّةٍ وَمِنْهُمْ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ثنا خَلَفٌ ثنا عُبَيْدُ بْنُ عَقِيلٍ عَنْ شِبْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ حَامِيَةٍ بِأَلِفٍ كَمِثْلِهِ وَفِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ عَنْ الَّذِي كَانَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ مِنْ عَمْرٍو وَمِنْ ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَيْضًا وَلاَ نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِوَى ابْنِ عَبَّاسٍ مُوَافَقَةَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي حَمِئَةٍ وَالأَكْثَرُ مِنْهُمْ عَلَى حَامِيَةٍ وَقَدْ رَوَيْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ وَتَرَكْنَا مَا سِوَاهُ مِمَّا لاَ يَتَّصِلُ أَسَانِيدُهُ وَكَانَ مِمَّنْ قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ أَيْضًا عَاصِمٌ وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَذَكَرَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إلَى ذَلِكَ وَيَخْتَارُهُ لِكَثْرَةِ عَدَدِ الْقُرَّاءِ‏;‏ وَلأَنَّ عَاصِمًا لِقِرَاءَتِهِ مِنْ صِحَّةِ الْمَخْرَجِ مَا لَيْسَ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ سَمِعْت يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ يَقُولُ إنْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ تُؤْخَذُ بِصِحَّةِ الْمَخْرَجِ فَمَا نَعْلَمُ لِقِرَاءَةٍ مِنْ صِحَّةِ الْمَخْرَجِ مَا صَحَّ لِقِرَاءَةِ عَاصِمٍ‏;‏ لأَنَّهُ يَقُولُ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى عَلِيٍّ وَقَرَأَ عَلِيٌّ عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ وَكُنْت أَنْصَرِفُ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَمُرُّ بِزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ كَمَا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَلاَ يُغَيِّرُ عَلَيَّ شَيْئًا قَالَ وَقَرَأَ زِرٌّ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَصَدَقَ وَقَدْ كُنَّا أَخَذْنَا قِرَاءَةَ عَاصِمٍ حَرْفًا حَرْفًا عَنْ رَوْحِ بْنِ الْفَرَجِ وَحَدَّثَنَا أَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيِّ‏,‏ وَأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى عَاصِمٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَقُلْت لِعَاصِمٍ عَلَى مَنْ قَرَأْت‏؟‏ فَقَالَ عَلَى السُّلَمِيِّ وَقَرَأَ عَلَى عَلِيٍّ وَقَرَأَ عَلِيٌّ عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ عَاصِمٌ وَكُنْتُ أَجْعَلُ طَرِيقِي عَلَى زِرٍّ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ وَقَرَأَ زِرٌّ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام‏.‏

وَلَقَدْ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ سَمِعْت حَفْصَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْكُوفِيَّ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَرَأْت عَلَى عَلِيٍّ فَأَكْثَرْتُ وَأَمْسَكْتُ عَلَيْهِ فَأَكْثَرْتُ وَأَقْرَأْتُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ حَتَّى خَتَمَا الْقُرْآنَ وَلَقِيتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِحُرُوفِ الْقُرْآنِ فَمَا خَالَفَ عَلِيًّا فِي حَرْفٍ فَلَوْ أَضَافَ مُضِيفٌ قِرَاءَةَ عَاصِمٍ كُلَّهَا إلَى النَّبِيِّ عليه السلام لَمَا كَانَ مُعَنَّفًا وَمِمَّا يُقَوِّي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الْقِرَاءَةِ الآُولَى تَقْرَأُ قِرَاءَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ‏؟‏ قَالَ بَلْ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ هِيَ الآخِرَةُ إنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام كَانَ يَعْرِضُ عَلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَرَضَهُ مَرَّتَيْنِ فَشَهِدَ عَبْدُ اللهِ مَا نُسِخَ مِنْهُ وَمَا بُدِّلَ‏.‏

وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لأَصْحَابِهِ‏:‏ أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَرَوْنَ آخِرًا‏؟‏ قَالُوا قِرَاءَةَ زَيْدٍ قَالَ إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَلَمَّا كَانَتْ السَّنَةُ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فَشَهِدَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ فَكَانَتْ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللهِ آخِرًا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالاِخْتِلاَفُ فِي هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ فِي هَذَا الْحَرْفِ مِنْ أَيْسَرِ الاِخْتِلاَفِ‏;‏ لأَنَّا إذَا صَحَّحْنَا مَا رُوِيَ فِي الْعَيْنِ الَّتِي تَغْرُبُ فِيهَا الشَّمْسُ اسْتَحَقَّ بِذَلِكَ الْحَمَأُ وَالْحَرَارَةُ جَمِيعًا فَكَانَتَا مِنْ صِفَاتِهَا وَكَانَ مَنْ قَرَأَ ‏"‏ حَامِيَةٍ ‏"‏ وَصَفَهَا بِإِحْدَى صِفَاتِهَا وَمَنْ قَرَأَ ‏"‏ حَمِئَةٍ ‏"‏ وَصَفَهَا بِصِفَتِهَا الآُخْرَى‏,‏ وَذَلِكَ وَاسِعٌ غَيْرُ ضَيِّقٍ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَى قِرَاءَةً مِنْ هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَوَابِهِ كَانَ لِزَوْجَتَيْهِ أُمِّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةَ رضوان الله عليهما لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى وَهُمَا عِنْدَهُ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ احْتَجَبَا مِنْهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ إنَّهُ أَعْمَى لاَ يَرَانَا وَلاَ يَعْرِفُنَا وَمِنْ قَوْلِهِ لَهُمَا أَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا

حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَيْمُونَةَ قَالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ‏,‏ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِالْحِجَابِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجِبَا مِنْهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لاَ يُبْصِرُنَا وَلاَ يَعْرِفُنَا‏؟‏ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كُنْت عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ فَاسْتَأْذَنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ‏,‏ وَذَلِكَ بَعْدَ الْحِجَابِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُومَا فَقُلْت يَا رَسُولَ اللهِ إنَّهُ أَعْمَى لاَ يُبْصِرُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا‏؟‏ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا حَجَبَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ النَّاسِ فَمَنَعَهُمْ عَنْ رُؤْيَتِهِنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ‏}‏ أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي ذَلِكَ حَجْبُ النَّاسِ عَنْهُنَّ كَمَا حَجَبَهُنَّ عَنْ النَّاسِ‏,‏ وَأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِنَّ النَّظَرُ إلَى النَّاسِ الَّذِينَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْعُمْيَانُ وَالْبُصَرَاءُ جَمِيعًا فَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا ذَكَرْنَا مَا قَدْ خَالَفَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ رُضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا‏.‏

وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَأَنَا جَارِيَةٌ فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْعَرِبَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ قَالَ عَمْرٌو عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ وَكَانَ يَوْمًا عِنْدِي تَعْنِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَعِبَ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِمَّا قَالَ تَنْظُرِينَ‏؟‏ فَقُلْتُ نَعَمْ فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ حِذَاءَ خَدِّهِ‏,‏ وَهُوَ يَقُولُ دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ حَتَّى إذَا مَلِلْتُ قَالَ حَسْبُكِ‏؟‏ قُلْت نَعَمْ قَالَ اذْهَبِي حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ الْحَبَشَةُ الْمَسْجِدَ يَلْعَبُونَ فَقَالَ لِي يَا حُمَيْرَاءُ أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إلَيْهِمْ‏؟‏ فَقُلْت نَعَمْ فَقَامَ بِالْبَابِ وَجِئْتُهُ فَوَضَعْتُ ذَقَنِي عَلَى عَاتِقِهِ وَأَسْنَدْتُ وَجْهِي إلَى خَدِّهِ وَمِنْ قَوْلِهِمْ يَوْمَئِذٍ أَبُو الْقَاسِمِ طَيِّبًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَسْبُكِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ لاَ تَعْجَلْ فَقَامَ ثُمَّ قَالَ حَسْبُك فَقُلْتُ لاَ تَعْجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَتْ وَمَا بِي حُبُّ النَّظَرِ إلَيْهِمْ‏,‏ وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَبْلُغَ النِّسَاءَ مَقَامُهُ لِي أَوْ مَكَانِي مِنْهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعْهُمْ يَا عُمَرُ فَإِنَّهُمْ بَنُو أَرْفِدَةَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا لَمْ يَبِنْ لَنَا مُضَادَّتُهُ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةَ مَكْشُوفَ الْمَعْنَى وَمَوْقُوفًا بِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْحِجَابِ وَعَلَى أَنَّ مَا فِيهِ مِمَّا خَاطَبَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةَ زَوْجَتَيْهِ كَانَ لاِمْرَأَتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ قَدْ لَحِقَهُمَا الْعِبَادَةُ وَكَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ لاَ ذِكْرَ فِيهِ لِتَقَدُّمِ نُزُولِ الْحِجَابِ فِي نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ النَّاسِ وَفِي حِجَابِ النَّاسِ عَنْهُنَّ وَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْحِجَابِ إِلاَّ كَانَ لِمُخَالِفِهِ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْحِجَابِ فَيَتَكَافَآنِ فِي ذَلِكَ وَإِذَا تَكَافَآ فِيهِ ارْتَفَعَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ وَهِيَ حِينَئِذٍ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ فَلَمْ يَلْحَقْهَا الْعِبَادَاتُ فَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي كَانَ مِنْهَا كَانَ وَلاَ تَعَبُّدَ عَلَيْهَا فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ وَفِيمَا رَوَيْتُمْ، عَنْ عَائِشَةَ مَا يَجِبُ دَفْعُهُ وَتَرْكُ قَبُولِهِ‏;‏ لأَنَّ فِيهِ لَعِبَ السُّودَانِ بِالدَّرَقِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَذَلِكَ مِنْ اللَّهْوِ الَّذِي لاَ يَصْلُحُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَكَيْفَ فِيهِ عَلَى تَجَاوُزِ حُرْمَتِهِ حُرْمَتَهُمْ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَوُصِلَ ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ سَهْمِ قُرَيْشٍ كَانَ مِنْ سَهْمِ بَاهِلَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَ حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ‏:‏ إنَّ اللَّهَ أَبْدَلَكُمَا بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِمَّا كَانَ مِنْ السُّودَانِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ الْمَذْمُومِ‏;‏ لأَنَّهُ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَمْثَالِهِمْ فِي الْحَرْبِ فَذَلِكَ مَحْمُودٌ مِنْهُمْ فِي الْمَسْجِدِ وَفِيمَا سِوَاهُ وَاَلَّذِي فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ اللَّعِبِ كَانَ عَلَى جِهَةِ اللَّهْوِ مِمَّا لاَ يُقَابَلُ بِمِثْلِهِ عَدُوٌّ وَلاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلإِسْلاَمِ وَلاَ لأَهْلِهِ فَذَلِكَ مَذْمُومٌ مِنْ أَهْلِهِ غَيْرُ مَحْمُودٍ مِنْهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صِنْفٍ مِنْ اللَّهْوِ الَّذِي يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ آلَةٌ فِي حَرْبِ الْعَدُوِّ وَأَنَّهُ مَحْمُودٌ كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الأَزْرَقِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلاَثَةً الْجَنَّةَ صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الأَجْرَ وَالرَّامِيَ بِهِ وَمُنْبِلَهُ فَارْمُوا وَارْكَبُوا وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا وَلَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ تَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ وَمُدَاعَبَتُهُ امْرَأَتَهُ وَرَمْيُهُ بِقَوْسِهِ وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عَلِمَهُ كَانَتْ نِعْمَةً كَفَرَهَا وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا هِشَامُ بْنُ زَكَرِيَّا بِإِسْنَادِهِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ثنا أَبُو رَجَاءَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَّامٍ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ قَالَ لِي عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَكَانَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ هَذَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْ اللَّهْوِ مِمَّا يُرَادُ بِهِ تَعْلِيمُ آلَةِ الْحَرْبِ مِمَّا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ مَحْمُودٌ عَلَيْهِ أَهْلُهُ فَبَانَ مِمَّا ذَكَرْنَا بِتَوْفِيقِ اللهِ تَعَالَى وَعَوْنِهِ أَنْ لاَ شَيْءَ فِيمَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُضَادٌّ لِشَيْءٍ مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ فِيهِ وَأَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْهُ فَلِمَعْنًى أَرَادَهُ صلى الله عليه وسلم بِهِ وَأَنَّ تَمْيِيزَ ذَاكَ وَوَضْعَهُ مَوَاضِعَهُ يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمِثْلِهِ لاَ مِمَّنْ سِوَاهُمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَتِهِ إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ

حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ ثنا الشَّافِعِيُّ ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهَا‏,‏ وَأَنَّهَا سَأَلَتْ كَمْ بَقِيَ عَلَيْك مِنْ كِتَابَتِكَ‏؟‏ فَذَكَرَ شَيْئًا قَدْ سَمَّاهُ فَأَمَرَتْهُ أَنْ يُعْطِيَهُ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ أَخِيهَا وَأَلْقَتْ الْحِجَابَ مِنْهُ وَقَالَتْ عَلَيْك السَّلاَمُ وَذَكَرَتْ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ قَالَ سُفْيَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ وَثَبَّتَهُ مَعْمَرٌ‏.‏

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ ثنا سَعِيدُ بْنُ دَاوُد بْنِ أَبِي زَنْبَرٍ ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عليه السلام فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ قَالَ فَكُنْت أَتَمَسَّكُ بِهَا كَيْمَا أَدْخُلَ عَلَيْهَا وَأَرَاهَا فَقَالَتْ وَهِيَ تَسِيرُ مَاذَا بَقِيَ عَلَيْك مِنْ كِتَابَتِكَ يَا نَبْهَانُ‏؟‏ قُلْت‏:‏ أَلْفَا دِرْهَمٍ قَالَتْ فَهُمَا عِنْدَك‏؟‏ فَقُلْت‏:‏ نَعَمْ فَقَالَتْ‏:‏ ادْفَعْ مَا بَقِيَ عَلَيْك مِنْ كِتَابَتِك إلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ فَإِنِّي قَدْ أَعَنْتُهُ بِهِمَا فِي نِكَاحِهِ وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ‏,‏ ثُمَّ أَلْقَتْ دُونِي الْحِجَابَ فَبَكَيْتُ وَقُلْتُ‏:‏ وَاَللَّهِ لاَ أُعْطِيهَا إيَّاهَا أَبَدًا قَالَتْ إنَّك وَاَللَّهِ يَا بُنَيَّ لَنْ تَرَانِي أَبَدًا إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إلَيْنَا أَنَّا إذَا كَانَ عِنْدَ مُكَاتَبِ إحْدَاكُنَّ وَفَاءٌ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ فِي كِتَابَتِهِ فَاضْرِبْنَ دُونَهُ الْحِجَابَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ لِزَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ بَعْدَ وُقُوفِنَا بِهِ وَبِمَا سِوَاهُ مِنْ الآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي الْكِتَابَةِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لاَ يَعْتِقُ بِإِلْقَاءِ الْحِجَابِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ كَاتَبَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي مِمَّا قَدْ بُيِّنَ فِي بَعْضِ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ الْوَفَاءُ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ‏,‏ وَهُوَ غَيْرُ عَتِيقٍ يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَهُ قَبْلَ أَدَائِهِ إيَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ كِتَابَتِهِ إلَى مَنْ كَانَ كَاتَبَهُ وَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ مَا أَبَاحَ لأَزْوَاجِ نَبِيِّهِ عليه السلام مِنْ النَّظَرِ إلَى مَنْ أَبَاحَ لَهُنَّ النَّظَرَ إلَيْهِ مِنْ النَّاسِ وَأَبَاحَ لِمَنْ أَبَاحَ لَهُنَّ ذَلِكَ مِنْهُ النَّظَرَ إلَيْهِنَّ بِقَوْلِهِ لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ إلَى وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ‏.‏

فَوَجَدْنَا مَنْ كَاتَبَهُنَّ مِمَّا ذَكَرْنَا قَدْ دَخَلَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ بِالدَّلاَلَةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَانَ مَا دَلَّ عَلَى مَنْ كَاتَبْنَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ مِمَّا إذَا أَدَّاهُ الْمُكَاتَبُ الَّذِي قَدْ حَلَّ عَلَيْهِ عَتَقَ بِهِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ النَّظَرُ إلَى سَيِّدَتِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عليه السلام وَكَانَ تَأْخِيرُهُ ذَلِكَ لِيَسَعَ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا بِمِلْكِهَا إيَّاهُ حَرَامًا عَلَيْهِ‏;‏ لأَنَّهُ مَنَعَ وَاجِبًا عَلَيْهِ لِيَبْقَى لَهُ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا أَدَّى ذَلِكَ الْوَاجِبَ لِمَنْ هُوَ لَهُ عَلَيْهِ فَهَذَا وَجْهُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِزَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ وَمِمَّا يُسْتَخْرَجُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الأَحْكَامِ مِمَّا يَدْخُلُ فِيهِ مَعَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عليه السلام مِنْ سِوَاهُنَّ مِنْ النَّاسِ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا الْمُكَاتَبَةَ فِي حَالِ مُكَاتَبَتِهَا لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِلاَ قِنَاعٍ وَإِذَا بَرِئَتْ مِنْ مُكَاتَبَتِهَا بِأَدَائِهَا إيَّاهَا إلَى مَنْ كَاتَبَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهَا وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ كَمَا تُصَلِّي سَائِرُ النِّسَاءِ بِقِنَاعٍ‏,‏ فَاحْتِبَاسُهَا مُكَاتَبَتَهَا لِيَتَّسِعَ ذَلِكَ لَهَا فِي صَلاَتِهَا حَرَامٌ عَلَيْهَا وَرَأَيْنَاهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَوْ مِنْ طَلاَقِهِ إيَّاهَا‏.‏

تَعْتَدُّ نِصْفَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَإِذَا أَدَّتْ فَعَتَقَتْ حَالَتْ عَنْ ذَلِكَ وَكَانَتْ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا مِنْ الْعِدَّةِ كَسَائِرِ النِّسَاءِ الْحَرَائِرِ سِوَاهَا وَكَانَتْ فِي عِدَّتِهَا قَبْلَ أَدَائِهَا مُكَاتَبَتَهَا لاَ إحْدَادَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَبَعْدَ أَدَائِهَا إيَّاهَا عَلَيْهَا فِيهَا مِنْ الإِحْدَادِ مَا عَلَى سَائِرِ الْحَرَائِرِ سِوَاهَا فِي مِثْلِهَا فَإِذَا احْتَبَسَتْ مُكَاتَبَتَهَا لِيَتَّسِعَ لَهَا مَا يَحِلُّ لَهَا مِنْ ذَلِكَ وَلِتَكُونَ فِي عِدَّتِهَا بِخِلاَفِ سَائِرِ الْحَرَائِرِ سِوَاهَا كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا عَلَيْهَا وَرَأَيْنَاهَا فِي مُكَاتَبَتِهَا لَهَا أَنْ تُسَافِرَ بِلاَ مَحْرَمٍ إلَى حَيْثُ شَاءَتْ وَهِيَ بَعْدَ أَدَائِهَا مُكَاتَبَتِهَا فِي ذَلِكَ بِخِلاَفِ هَذَا الْحُكْمِ فَإِذَا احْتَبَسَتْ مُكَاتَبَتَهَا لِيَتَّسِعَ لَهَا هَذَا الْمَعْنَى كَانَ حَرَامًا عَلَيْهَا وَوَجَدْنَا سَائِرَ الْمُكَاتَبِينَ مِنْ الذُّكْرَانِ فِي حَالِ مُكَاتَبَاتِهِمْ لاَ زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَهُمْ فِيهَا بَعْدَ أَدَائِهِمْ مُكَاتَبَاتِهِمْ وَعَتَاقِهِمْ بِذَلِكَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَوَاتِ عَلَيْهِمْ كَوُجُوبِهَا عَلَى سَائِرِ ذَوِي الزَّكَوَاتِ مِنْهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ فَإِذَا احْتَبَسُوا مُكَاتَبَتَهُمْ لِسُقُوطِ الزَّكَوَاتِ عَنْهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ لَوْ أَدَّوْا مُكَاتَبَتَهُمْ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا عَلَيْهِمْ‏.‏

فَهَذِهِ وُجُوهٌ مِنْ وُجُوهِ الْفِقْهِ مَوْجُودَةٌ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي خَاطَبَ بِهِ زَوْجَتَهُ أُمَّ سَلَمَةَ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْفِقْهِ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا وَالتَّأَمُّلُ لَهَا فِي أَقْوَالِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْفَوَائِدِ وَمِنْ الْمَعَانِي الَّتِي لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ تَعَالَى مِمَّا يُنَزِّلُهُ فِي كِتَابِهِ وَمِمَّا يُجْرِيهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَفْعِ الْعِلْمِ عَنْ النَّاسِ وَقَبْضِهِ مِنْهُمْ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْت اللَّيْثَ يَقُولُ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إلَى السَّمَاءِ يَوْمًا فَقَالَ هَذَا أَوَانُ يُرْفَعُ الْعِلْمُ‏,‏ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ‏:‏ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ زِيَادٍ يَا رَسُولَ اللهِ‏:‏ يُرْفَعُ الْعِلْمُ وَقَدْ أُثْبِتَ وَوَعَتْهُ الْقُلُوبُ‏,‏ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنْ كُنْتُ لاََحْسِبكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ ضَلاَلَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى قَالَ‏:‏ فَلَقِيتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِ عَوْفٍ فَقَالَ‏:‏ صَدَقَ عَوْفٌ أَلاَ أُخْبِرُك بِأَوَّلِ ذَلِكَ يُرْفَعُ‏؟‏ الْخُشُوعُ حَتَّى لاَ تَرَى خَاشِعًا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ الْفَوْزِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ ثنا ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ عَنْ الْوَلِيدِ الْجُرَشِيِّ ثنا جُبَيْرٌ عَنْ عَوْفٍ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ لَبِيدِ بْنِ زِيَادٍ‏:‏ زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ وَإِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ يُرْفَعُ يَا رَسُولَ اللهِ وَفِينَا كِتَابُ اللهِ وَقَدْ عَلَّمْنَاهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا‏؟‏ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ وَالْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَبُو إسْمَاعِيلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ عَنْ جُبَيْرٍ عَنْ عَوْفٍ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ هَذَا أَوَانُ يُرْفَعُ الْعِلْمُ فَقُلْنَا‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ يُرْفَعُ الْعِلْمُ وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللهِ قَدْ قَرَأْنَاهُ وَعَلَّمْنَاهُ صِبْيَانَنَا وَنِسَاءَنَا‏؟‏ فَذَكَرَ ضَلاَلَةَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى‏,‏ ثُمَّ قَالَ‏:‏ ذَهَابُهُ بِذَهَابِ أَوْعِيَتِهِ قَالَ جُبَيْرٌ فَلَقِيت شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ فَذَكَرْت لَهُ حَدِيثَ عَوْفٍ فَقَالَ صَدَقَ عَوْفٌ وَأَوَّلُ مَا يُرْفَعُ الْخُشُوعُ حَتَّى لاَ تَرَى خَاشِعًا وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ حَتَّى لاَ يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ فَوَاَللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّك يَا زِيَادُ وَإِنْ كُنْتُ لاََعُدّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا يُغْنِي عَنْهُمْ قَالَ جُبَيْرٌ فَلَقِيت عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَقُلْت لَهُ أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَخُوك أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَخْبَرْتُهُ بِاَلَّذِي قَالَ قَالَ فَقَالَ صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إنْ شِئْت لاَُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ النَّاسِ الْخُشُوعُ يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ الْجَمَاعَةِ فَلاَ تَرَى فِيهِ خَاشِعًا‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا وَذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ الْعِلْمِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَنُقْرِئُهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ‏؟‏ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ابْنَ أُمِّ لَبِيدٍ إنْ كُنْتُ أُرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ أَوَلَيْسَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ لاَ يَفْقَهُونَ مِمَّا فِيهِمَا شَيْئًا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَأَنْكَرَ مُنْكِرٌ هَذِهِ الأَحَادِيثَ وَقَالَ كَيْفَ يَكُونُ الْعِلْمُ يُرْفَعُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ عليه السلام وَأَيَّامُهُ هِيَ الأَيَّامُ السَّعِيدَةُ الَّتِي لاَ أَمْثَالَ لَهَا وَالْوَحْيُ إنَّمَا كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِيهَا فَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهَا وَيَبْقَى فِي أَيْدِي النَّاسِ لِيُبَلِّغَهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا أُمِرُوا بِهِ فِيهِ يَكُونُ ذَلِكَ مَرْفُوعًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ‏;‏ لأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ انْقَطَعَ التَّبْلِيغُ وَبَقِيَ النَّاسُ فِي أَيَّامِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِلاَ عِلْمٍ وَكَانُوا بَعْدَهُ فِي خُرُوجِهِمْ عَنْهُ أَغْلَطَ وَهَذَا يَسْتَحِيلُ‏;‏ لأَنَّ الْعِلْمَ إنَّمَا عُلِّمَ لِيَأْخُذَهُ خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَحْسَنِ الأَحَادِيثِ وَأَصَحِّهَا‏,‏ وَأَنَّ الَّذِي فِيهِ مِنْ نَظَرِ النَّبِيِّ عليه السلام إلَى السَّمَاءِ وَمِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ ذَلِكَ هَذَا أَوَانٌ يُرْفَعُ فِيهِ الْعِلْمُ إنَّمَا هُوَ إشَارَةٌ مِنْهُ إلَى وَقْتٍ يُرْفَعُ فِيهِ الْعِلْمُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَقْتٌ يَكُونُ بَعْدَهُ‏;‏ لأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ كَلِمَةٌ يُشَارُ بِهَا إلَى الأَشْيَاءِ مِنْ ذَلِكَ قوله تعالى ‏{‏هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ‏}‏ لَيْسَ هُمْ فِيهِ يَوْمَ أُنْزِلَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْهُ قوله تعالى ‏{‏هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ‏}‏ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مَرْئِيٍّ يَوْمَ قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي أَمْثَالٍ لِهَذَا كَثِيرَةٍ فِي الْقُرْآنِ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ عَوْفٍ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَظَرَ إلَى السَّمَاءِ أُرِيَ فِيهَا الزَّمَانَ الَّذِي يُرْفَعُ فِيهِ الْعِلْمُ فَقَالَ مَا قَالَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ‏.‏

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا احْتِجَاجُهُ عليه السلام بِضَلاَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَعِنْدَ الْيَهُودِ مِنْهُمْ التَّوْرَاةُ وَعِنْدَ النَّصَارَى مِنْهُمْ الإِنْجِيلُ وَلَمْ يَمْنَعَاهُمْ مِنْ الضَّلاَلَةِ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ ذَهَابِ أَنْبِيَائِهِمْ صلوات الله عليهم لاَ فِي أَيَّامِهِمْ فَكَذَلِكَ مَا تَوَاعَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهِ أُمَّتَهُ فِي حَدِيثِ عَوْفٍ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ أَيَّامِهِ وَبَعْدَ ذَهَابِ مَنْ تَبِعَهُ وَخَلَفَهُ بِالرُّشْدِ وَالْهِدَايَةِ مِنْ أَصْحَابِهِ رضوان الله عليهم وَمِنْ سَائِرِ أُمَّتِهِ سِوَاهُمْ وَفِي حَدِيثِ عَوْفٍ الَّذِي ذَكَرْنَا قَوْلُ جُبَيْرٍ فَلَقِيتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ صَدَقَ عَوْفٌ وَأَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنْ ذَلِكَ الْخُشُوعُ حَتَّى لاَ تَرَى خَاشِعًا وَالْخُشُوعُ الَّذِي أَرَادَ شَدَّادٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏,‏ هُوَ الإِخْبَاتُ وَالتَّوَاضُعُ وَالتَّذَلُّلُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ النَّحْوِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَعْرُوفُ بِوَلَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمَصَادِرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى فِي قوله تعالى ‏{‏وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ‏}‏ قَالَ الْخَاشِعُونَ الْمُخْبِتُونَ الْمُتَوَاضِعُونَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَرَى ذَلِكَ فِيهِمْ وَيَكُونَ عَلاَمَةً لَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِهِ أَصْحَابَ نَبِيِّهِ‏:‏ وَاَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ إلَى قَوْلِهِ‏:‏ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ وَأَثَرُ السُّجُودِ فِي مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ قَالَ الْخُشُوعُ وَالتَّوَاضُعُ‏.‏

وَبِهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ قَالَ الْخُشُوعُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ قَالَ أَثَرُ التُّرَابِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ثنا هَارُونُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْت عِكْرِمَةَ وَسُئِلَ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ قَالَ أَثَرُ التُّرَابِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكُلُّ هَذَا صِفَاتُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَيْفَ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ تُرْفَعُ عَنْهُمْ وَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِمَّا يُقَوِّي التَّأْوِيلَ الَّذِي تَأَوَّلْنَا عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ عَوْفٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا حَمَلَنَا عَلَيْهِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ شَدَّادٍ فِيهِ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى رَفْعِ الْعِلْمِ فِي الأَوَانِ الَّذِي يُرْفَعُ فِيهِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ‏;‏ لأَنَّهُ هُوَ الزَّمَانُ الَّذِي لاَ خُشُوعَ فِيهِ مَعَ النَّاسِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ الْخُشُوعُ كَانَتْ مَعَهُمْ الْقَسْوَةُ وَالاِسْتِكْبَارُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الَّذِي يَعُودُ إلَى عَوْفٍ وَشَدَّادٍ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَهَابِ الْعِلْمِ أَنَّهُ ذَهَابُ أَوْعِيَتِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ‏.‏

مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ إنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِأَنْ يَنْتَزِعَهُ انْتِزَاعًا‏,‏ وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً سُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الأَسَدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كُنَاسَةَ ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ ثنا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا أَبُو غَسَّانَ ثنا زُهَيْرُ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ وَعَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ جَمِيعًا قَالاَ ثنا ابْنُ وَهْبٍ ثنا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ ثنا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ هَكَذَا قَالَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ عَائِشَةَ مَكَانَ ابْنِ عَمْرٍو فِيمَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو كَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ إهَابٍ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمَّا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا الاِخْتِلاَفُ فِي إسْنَادِهِ بَحَثْنَا عَنْ ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْهُ فَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الأَزْدِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ السَّمْحِ اللَّخْمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ يَا ابْنَ أَخِي إنِّي قَدْ أُخْبِرْتَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حَاجٌّ فِي عَامِي هَذَا‏,‏ وَأَنَّهُ قَدْ حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَادِيثَ كَثِيرَةً فَلَقِيَ عُرْوَةُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَوِيَ فِي قُلُوبِنَا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ يَرْجِعُ إلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو لاَ إلَى عَائِشَةَ حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى مَا هُوَ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ نَزَارٍ الأَيْلِيُّ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ كَانَ عِنْدَ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ‏,‏ وَعَنِ ابْنِ عَمْرٍو جَمِيعًا وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُرْوَةَ فَرَدَّهُ إلَى ابْنِ عَمْرٍو لاَ إلَى عَائِشَةَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ حِبَّانَ الأَزْدِيُّ وَفَهْدٌ قَالاَ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو‏,‏ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا عَنْ غَيْرِ عَائِشَةَ وَغَيْرِ ابْنِ عَمْرٍو‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْت مَعَ عَبْدِ اللهِ وَأَبِي مُوسَى فِي الْمَسْجِدِ فَقَالاَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ جَلَسَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ قَيْسٍ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الأَيْمَنِ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ حَدِّثْنَا يَا أَبَا مُوسَى حَدِّثْنَا عَنِ الأَيَّامِ الَّتِي سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فَقَالَ أَبُو مُوسَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَأْتِي عَلَيْكُمْ أَيَّامٌ يُقْبَضُ فِيهِنَّ الْعِلْمُ وَيَنْزِلُ فِيهِنَّ الْجَهْلُ وَيَكْثُرُ فِيهِنَّ الْهَرْجُ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَمَا الْهَرْجُ‏؟‏ قَالَ هُوَ الْقَتْلُ بِالْحَبَشِيَّةِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ الأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قُلْنَا وَمَا الْهَرْجُ‏؟‏ قَالَ الْقَتْلُ وَيُقْبَضُ الْعِلْمُ فَقَالَ عُمَرُ لَمَّا سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَأْثُرُهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَا إنَّ قَبْضَ الْعِلْمِ لَيْسَ بِشَيْءٍ يُنْتَزَعُ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ وَلَكِنَّهُ فَنَاءُ الْعُلَمَاءِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَيْبَانُ يَعْنِي النَّحْوِيَّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِيَادٍ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قُلْت يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا الْهَرْجُ‏؟‏ قَالَ الْقَتْلُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ تَزَالُ الآُمَّةُ عَلَى شَرِيعَةٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ ثَلاَثٌ يُقْبَضُ مِنْهُمْ الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهِمْ وَلَدُ الْحِنْثِ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ الصَّقَّارُونَ قَالُوا وَمَا الصَّقَّارُونَ يَا رَسُولَ اللهِ‏؟‏ قَالَ نَشْءٌ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ تَحِيَّتُهُمْ بَيْنَهُمْ إذَا الْتَقَوْا التَّلاَعُنُ فَفِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذِهِ الآثَارِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَوَانَ رَفْعِ الْعِلْمِ هُوَ عَلَى زَمَانٍ لَمْ يَكُنْ حِينَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَا قَالَ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى زَمَانٍ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فَقَدْ اتَّفَقَتْ آثَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّهَا الَّتِي رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَيَصْدُقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ‏,‏ وَهُوَ فِي لِحَافِهَا

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا عَفَّانَ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أُخْتِهِ رُمَيْثَةَ ابْنَةِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لَهَا إنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ وَإِنَّا نُحِبُّ الْخَيْرَ كَمَا تُحِبُّهُ عَائِشَةُ فَإِذَا جَاءَكِ النَّبِيُّ عليه السلام فَقُولِي لَهُ إنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ وَإِنَّا نُحِبُّ الْخَيْرَ كَمَا تُحِبُّهُ عَائِشَةُ فَلَوْ أَمَرْت النَّاسَ يُهْدُونَ لَك حَيْثُ كُنْتَ قَالَتْ فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ عليه السلام قُلْتُ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي فَلَمَّا خَرَجَ قُلْنَ لَهَا مَا فَعَلْتِ‏؟‏ قَالَتْ قَدْ قُلْت لَهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي فَقُلْنَ عَاوِدِيهِ فَعَاوَدْتُهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي‏,‏ ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ لاَ تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَوَاَللَّهِ مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ يَنْزِلُ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِهَا لَيْسَ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْت لاَ جَرَمَ وَاَللَّهِ لاَ أُوذِيكَ فِيهَا أَبَدًا فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُضَادُّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الأَخْضَرِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ قَالَ سَأَلْت كَعْبًا عَنْ حَدِيثِهِ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَذَكَرَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ إيَّاهُ وَقَالَ فِيهِ قَالَ كَعْبٌ وَأَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ عليه السلام وَكَانَتْ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ تَعْنِي الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا تَوْبَتُهُ قَالَتْ فَلَمَّا بَقِيَ ثُلُثٌ مِنْ اللَّيْلِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ تَوْبَتُنَا فَقَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ تِيبَ عَلَى كَعْبٍ وَصَاحِبَيْهِ قَالَتْ‏:‏ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلاَ أُرْسِلُ إلَيْهِ أُبَشِّرُهُ قَالَ إذًا يَحْطِمَكُمُ النَّاسُ وَيَمْنَعُونَكِ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ وَأَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا بَعْدَ مَا صَلَّى الصُّبْحَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ أَنَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مُضَادٍّ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ‏;‏ لأَنَّ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ إخْبَارُ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ تَوْبَةُ كَعْبٍ وَصَاحِبَيْهِ فِي بَيْتِهَا وَفِي لَيْلَتِهَا لاَ مَا سِوَى ذَلِكَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَهُوَ فِي غَيْرِ لِحَافِهَا وَفِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ إثْبَاتُ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ وَاَللَّهِ مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ يَنْزِلُ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِهَا لَيْسَ عَائِشَةَ فَفِي ذَلِكَ إثْبَاتُ أَنَّ نُزُولَ الْوَحْيِ كَانَ عَلَيْهِ‏,‏ وَهُوَ فِي لِحَافِ عَائِشَةَ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَهْيِهِ عَنْ تَقْلِيدِ الْخَيْلِ الأَوْتَارَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَ عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ حَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ حَرْمَلَةَ عَنْ أَبِي مُصَبِّحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا وَامْسَحُوا نَوَاصِيَهَا وَادْعُوا لَهَا بِالْبَرَكَةِ وَقَلِّدُوهَا وَلاَ تُقَلِّدُوهَا الأَوْتَارَ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ تُقَلِّدُوهَا الأَوْتَارَ مِمَّا تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي مُرَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهِ فَكَانَ مِمَّا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا أَجَازَهُ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ كَأَنَّهُ يَحْكِيهِ عَنْ قَائِلٍ سِوَاهُ قَالَ الأَوْتَارُ هَاهُنَا الذُّحُولُ يَقُولُ لاَ تَطْلُبُوا عَلَيْهَا الذُّحُولَ الَّتِي وُتِرْتُمْ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُ هَذَا أَشْبَهُ عِنْدِي بِالصَّوَابِ‏,‏ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ مَعْنَاهُ الأَوْتَارُ وَكَانُوا يُقَلِّدُونَهَا إيَّاهَا فَتُخْنَقُ بِهَا قَالَ‏.‏

وَمِمَّا يُصَدِّقُ ذَلِكَ حَدِيثُ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام أَمَرَ بِقَطْعِ الأَوْتَارِ مِنْ أَعْنَاقِ الْخَيْلِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ يُفْعَلُ بِهَا مَخَافَةَ الْعَيْنِ عَلَيْهَا حَدَّثَنِي بِهِ عَنْهُ أَبُو الْمُنْذِرِ الْوَاسِطِيُّ إسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ وَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ عليه السلام بِقَطْعِهَا‏;‏ لأَنَّهَا لاَ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَهَذَا يُشْبِهُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ بِالتَّمَائِمِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّمَا أَخَذَهُ فِيمَا نَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ حَدِيثِهِ الَّذِي‏.‏

حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ قَالَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَسُولاً قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ أَلاَ لاَ تَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلاَدَةٌ وَلاَ وَتَرٌ إِلاَّ قُطِعَتْ قَالَ مَالِكٌ أَرَى ذَلِكَ مِنْ الْعَيْنِ‏.‏

حَدَّثَنَاهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسَ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ عَبَّادٍ عَنْ أَبِي بَشِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بَعَثَ رَجُلاً وَقَالَ لاَ تَدَعْ قِلاَدَةَ وَتَرٍ وَلاَ قِلاَدَةً فِي عُنُقٍ يَعْنِي إِلاَّ قَطَعْتَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَتَأَمَّلْنَا حَدِيثَ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ فَوَجَدْنَا فِيهِ أَمْرَ النَّبِيِّ عليه السلام بِتَقْلِيدِ الْخَيْلِ بِقَوْلِهِ وَقَلِّدُوهَا فَكَانَ ذَلِكَ مَعْقُولاً أَنَّهُ أَرَادَ التَّقْلِيدَ الَّذِي يَفْعَلُهُ النَّاسُ‏,‏ وَهُوَ تَقْلِيدُ الْخَيْلِ فِي أَعْنَاقِهَا ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلاَ تُقَلِّدُوهَا الأَوْتَارَ فَانْتَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ التِّرَاتَ وَثَبَتَ بِهِ أَنَّ مَا يُقَلِّدُهُ فِي أَعْنَاقِهَا مِمَّا أُمِرَ بِتَقْلِيدِهَا إيَّاهُ هُوَ مَا لاَ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ كَمَا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ الأَوْتَارِ إذَا قَلَّدَ بِهَا فَبَانَ بِذَلِكَ صِحَّةُ مَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي تَأْوِيلِهِ هَذَا الْمَعْنَى وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏